تعريف الاجتهاد : هو: بذل الجهد، واستفراغ الوسع في درك الأحكام الشرعية". بتحقيق المناط أو تخريج المناط. فهو عمل المجتهد في استنتاج الأحكام الشرعية من أدلّتها ومصادرها المقررة، كالقرآن والسنة والإجماع والقياس وغيرها. وبعبارة أخرى، هو بذل الجهد لاستنباط واستخراج الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية.
يؤمن المسلمون أن شريعة الإسلام هي خاتمة الشرائع الإلهية كلها؛ وأنها صالحة لكل زمان ومكان، وأنها تمتاز بقدرتها على تنظيم حياة الناس واستيعاب الحوادث المتجددة وذلك بإتاحة الفرصة للاجتهاد وتنظيمها له.
أدلة مشروعية الاجتهاد
يستدل علماء الدين الإسلامي ببعض آيات القرآن وبعض الأحاديث النبوية على سبيل المثال ماورد في قوله تعالى في سورة النساء إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا فإنه يتضمن اقرار الإجتهاد بطريق القياس، ومنها قوله تعالى: (إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) وقوله تعالى: (إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون)}} وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا وقوله تعالى:
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً فهذا دليلٌ أيضاً على مشروعية الإجتهاد وإعمال الفكر والعقل لمن أراد استخراج الحكم الشرعي في آيات الكتاب العزيز بطريق النظر والإستنباط، كما استنبط الإجتهاد من بعض أحاديث محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) نبي الإسلام منها:
روي عن البخاري في صحيحه:
من حديث عن عمرو بن العاص "إذا حكم الحاكم فأصاب فله أجران، واذا أخطأ فله أجر "(صحيح البخاري، كتاب الإعتصام، باب أجر الحاكم إذا أصاب أو أخطأ) |
.
ومن الأدلة على مشروعية الإجتهاد حديث معاذ بن جبل الذي رواه أبو داود
روي عن المحدثين باشتهار ما رواه أبو داود في سننه:
وهذا الحديث وإن كان مرسلاً عند بعض المحدثين لجهالة أصحاب معاذ بن جبل إلا أنه تلقته أكثر الأمة بالقبول، وله شواهد أخرى تؤكده.
روي عن أبي داود في سننه:
خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيدا طيبا فصليا، ثم وجدوا الماء في وقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يعد الاخر، ثم أتيا على رسول الله فذكرا ذلك فقال للذي لم يعد : : " أصبت السنة وأجزأتك صلاتك. وقال للذي توضأ وأعاد : لك الأجر مرتين " (سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب المتيمم يجد الماء ما يصلي في الوقت) |
.
من هذة الرواية اعتبر علماء الدين الإسلامي أن من اجتهد في مسألة ما وكان من الإجتهاد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر؛ لكن اعتبروا أن الإجتهاد محصور فقط في العلماء المؤهلين للإجتهاد من وجهة نظرهم. بالنسبة للإجتهاد المطلق. الإجتهاد هو: (بذل الفقيه وسعه في تحصيل ظن بحكم شرعي من الكتاب والسنة أو الإجماع) قاله ابن عرفة.
حكم الإجتهاد
حكم الاجتهاد في الشرع أنه: قد يكون فرضاً عينيا، أو كفائيا، أو غير ذلك بحسب نوع الاجتهاد ومدى أهميته، وقد ذكر علماء الأصول أنه: إذا وقعت حادثة لشخص أو سئل عن حادثة فإن حكم الاجتهاد في حقه يكون فرضاً عينياً وقد يكون فرضاً كفائياً وقد يكون مندوباً وقد يصير حراماً
- فهو فرض عين في حق نفسه فيما طرأ له من حوادث فإذا أداه اجتهاده إلى حكم لزمه العمل به ولا يجوز له أن يقلد غيره من المجتهدين في حق نفسه وفي حق غيره لأن حكم المجتهد هو حكم الله في المسأله التي اجتد فيها بحسب ظنه الغالب، والمجتهد ينبغي عليه العمل بما غلب على ظنه أنه حكم الله. وكذلك يكون الاجتهاد فرض عين عليه إذا سئل عن حادثة وقعت وخاف فواتها على غير وجهها الشرعي ولم يوجد غيره لأن عدم الاجتهاد يقضي بتأخير البيان عن وقت الحاجة وهو ممنوع شرعاً. قال القرافي في ارشاد الفحول:(مذهب مالك وجمهور العلماء: وجوب الاجتهاد وابطال التقليد).
فإن لم يخف فوت الحادثة ووجد غيره من المجتهدين يجب عليه وجوباً كفائياً فإذا اجتد أحد المجتهدين سقط الطلب عن الباقين وإن تركه الجميع أثموا جميعاً. - الندب : وهو الاجتهاد في حكم حادثة لم تحصل سواءً سئل عنه أو لم يسأل - التحريم : وهو وقوع الإجتهاد في مقابلة نصٍ قاطع من كتاب أو سنة أو في مقابلة الإجماع وفيما عداه يكون جائزاً.
أهمية الاجتهاد
يعتبر علماء الدين الإسلامي الاجتهاد من أهم الوسائل التي يتمكن بها العالم المختص من التوصل إلى الأحكام الشرعية في مسائل الحياة المتجددة. فبه يتعرفون على أحكام الحياة كلها، وبه يسترشدون على سلامة سلوكهم وعملهم. ومع تجدد الحياة وكثرة المستجدات فيها، كان لابد من وجود فئة متخصصة في العلوم الشرعية وما يتصل بها، تتولى مهمة النظر في القضايا المستجدة وبيان الأحكام الشرعية المناسبة من كل منها بحيث يسهل الرجوع إليها، والاستئناس بها، وكان من المناسب أن يتولى علماء الأمة بمساعدة الدول الإسلامية مهمة توفير حاجة المجتمع من هذه الفئة ؛ بإنشاء الحوزات العلمية والكليات الشرعية والمجمعات الفقهية والهيئات العامة للفتيا، وتنظيم لقاءات علمية بين المختصين الشرعيين.
تحريم الاجتهاد بالنسبة إلى العلماء الغير مؤهلين :
حكمه التحريم ، لأنهم ما داموا ليسوا أهلاً للنظر في الأدلة الشرعية وفهم الأحكام الشرعية منها ، فلن يوصلهم نظرهم في الأدلة إلى حكم الله ، وسيفضي بهم إلى الضلال ، ومن القواعد الشرعية المقررة أن كل ما أدّى إلى الحرام حرام ، ولذلك يجب على هؤلاء أن يسألوا عن أحكام الله من يعلمها ، عملاً بقوله عز وجل : {... فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } (النحل: 43)، ثم هذا هو ما يسعهم ، وقد قال الله تعالى : {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ... } ( البقرة: 286).
هذا بالإضافة إلى أنه قد يقع الاجتهاد في مقابلة دليل قاطع من كتاب أو سنة أو إجماع نتيجة لجهلهم
حكمه التحريم ، لأنهم ما داموا ليسوا أهلاً للنظر في الأدلة الشرعية وفهم الأحكام الشرعية منها ، فلن يوصلهم نظرهم في الأدلة إلى حكم الله ، وسيفضي بهم إلى الضلال ، ومن القواعد الشرعية المقررة أن كل ما أدّى إلى الحرام حرام ، ولذلك يجب على هؤلاء أن يسألوا عن أحكام الله من يعلمها ، عملاً بقوله عز وجل : {... فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } (النحل: 43)، ثم هذا هو ما يسعهم ، وقد قال الله تعالى : {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ... } ( البقرة: 286).
هذا بالإضافة إلى أنه قد يقع الاجتهاد في مقابلة دليل قاطع من كتاب أو سنة أو إجماع نتيجة لجهلهم
حكم الاجتهاد بالنسبة إلى مجموع الأمة
ونعني به حكم وجود المجتهدين فيها ، فهل يجب أن يكون في المسلمين في كل عصر مجتهد أو أكثر ، بحيث تأثم الأمة إذا خلا عصر من عصورها عن أهل الاجتهاد ، أو يجوز خلو عصر عن المجتهدين .
إن الحكم هو وجوب الاجتهاد وجوباً كفائياً على الأمة في كل عصر من عصورها ، فليس جائزاً أن يخلو عصر من عصورها عن أهل الاجتهاد ولو واحداً .
وقد ذكر الإمام السيوطي نصوصاً للعلماء من جميع المذاهب المتفقة على القول بفرضية الاجتهاد ( وذم التقليد ) ونهى عنه ، وأنه لا يجوز شرعاً ان يخلو العصر منه
شروط المجتهِد
المطلب الأول : الشروط العامة
الشروط العامة للمجتهد هي شروط التكليف ، مثل : الإسلام ، والبلوغ ، والعقل.
المطلب الثاني : الشروط الغير عامة
هناك أيضاً شروط غير عامة ، منها تأهيلية وأخرى تكميلية ، لاستنباط الأحكام الشرعية ،
ويمكن تصنيف بعض الشروط التأهيلية في مجموعتين :
أولاً : مجموعة الشروط المتعلقة بالكتاب والسنة :
أ- الشروط المتعلقة بالقرآن :
العلم التام بالتشريع العملي في القرآن ، كلياته وجزئياته . ووجوب كون المجتهد عالماً بمنطوق القرآن ومفهومه ، أي عالماً علماً تاماً بالأحكام الشرعية التي جاء بها القرآن وبطبيعتها . هل هي بصيغة الأمر الموجب ؟ أم بصيغة النهي المحرم ؟ وهل هي بصيغة العموم المطلق ؟ أم بصيغة الإطلاق التي تدل على أي فرد ؟ ومعرفة الناسخ والمنسوخ ، وغيرها . ولا يشترط حفظ الآيات التي يتقرر عليه معرفتها ، بل يكفي أن يكون المجتهد عالماً بها ، وبما تقدم منها وما تأخر من جهة التلاوة والنزول ، وأن يكون عالماً بمعانيها ، عامّها وخاصّها ، مطلقها ومقيدها ، ناسخها ومنسوخها . وقد قدّر بعض العلماء آيات الأحكام في القرآن الكريم بخمسمائة آية ، وهذا باعتبار الآيات الدالة على الأحكام دلالة أولية بالذات ، لا بطريق التضمن والالتزام . وقد اشترط بعض الأصوليين : معرفة أسباب النزول فهي تعين على فهم النصوص فهماً دقيقاً ، ومعرفة مكي الآيات ومدنيها أيضاً ، فهي هامة للتمييز بين المتقدم منها والمتأخر.
ب- الشروط المتعلقة بالسنة :
العلم التام بالتشريع العملي في السنة كلياته وجزئياته، سواء أكانت السنة قولية أو فعلية أو تقريرية . وهذه الشروط تتمثل في وجوب كون طالب الاجتهاد عالماً بالسنة وبالحديث وأنواعه ومراتبه في الوثاقة : صحيح – حسن – ضعيف – مشهور – متواتر – بحيث يتيسر له عند الحاجة معرفة الأحكام الشرعية التي جاءت بها السنة سواء كان ذلك في المعاملات من بيع وشراء ورهن ، الخ ... ، أو العقوبات ، أو الأحوال الشخصية من زواج وطلاق ، أو العبادات من صلاة وصيام وحج وزكاة ، الخ ... . هذا فضلاً عن معرفته بتاريخ الرجال والرواة لمعرفة الصحيح والضعيف من الحديث ، وكذلك معرفة أسباب الجرح وأنواعه أو التعديل وشروطه ، الخ ... .
ثانياً : مجموعة الشروط المتعلقة باللغة العربية وتتمثل في أن يكون المجتهد عالماً باللغة العربية من حيث بنية الكلمات وإعرابها ، وفصاحتها ومن حيث معناها ظهوراً وخفاءً ، حقيقةً وكنايةً ، إفراداً وعموماً واشتراكاً ، بحيث يتمكن نتيجةً لهذا العالم من القطع بما تدل عليه كل كلمة ، وبطريقة دلالتها عبارة أو إشارة ، أو فحوى أو اقتضاء . فالفقيه في أشد الحاجة إلى معرفة ما سبق ، بالإضافة إلى معرفة معاني حروف اللغة العربية ، لأن عليها مدار الكثير من مسائل الفقه واستنباط الأحكام من نصوص الكتاب والسنة ، ومن ذلك على سبيل المثال : قوله تعالى : {...وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ... }(المائدة:6) . فلولا مكان الباء في الآية ، لوجب مسح الرأس كله لا بعضه . وغيرها من الأمثلة .
كانت هذه الشروط فيما يتعلق بالكتاب الكريم والسنة النبوية واللغة العربية ، وأستعرض الآن باقي الشروط الخاصة بالمجتهد التأهيلية والتكميلية ، وهي كالتالي :
العلم بمواقع الإجماع ومسائله حتى لا يفتي بخلافه ، ولا يلزمه حفظ جميع مواقع الإجماع والخلاف ، بل كل مسألة يفتي فيها ينبغي أن يعلم أن فتواه ليست مخالفة للإجماع ، إما بأن يعلم أنه موافق مذهباً من مذاهب العلماء أيهم كان أو يعلم أن هذه واقعة متولدة في العصر لم يكن لأهل الإجماع فيها خوض .
العلم بعلم أصول الفقه ، فهو عماد الاجتهاد وأساسه الذي تقوم عليه أركان بنائه . وعلم أصول الفقه يمكنه من أن يكون صاحب رأي في مسائل هذا العلم ، ما يتصل منها بحجية الظواهر ، وخبر الواحد ، وأحكام العام والخاص ، والمطلق والمقيد ، وقواعد التعارض والتزاحم ، والأصول العملية ، وغير ذلك من أمهات مسائله التي يتوقف عليها الاستنباط . وقد قرر الشافعي أن الاجتهاد هو القياس، وعلّق على ذلك الشيخ أبو زهرة بقوله : لأن العلم بالقياس يقتضي العلم بثلاثة أمور : أولها : العلم بالأصول من النصوص التي يبنى عليها والعلل التي قامت عليها أحكام هذه النصوص ، والتي بها يمكن إلحاق حكم الفرع إليهما . ثانيها : العلم بقوانين القياس وضوابطه ، كألا يقاس على ما يثبت أنه لا يتعدى حكمه ، ومعرفة أوصاف العلة التي يبنى عليها القياس ، ويلتحق بها الفرع بالأصل . ثالثها : أن يعرف المناهج التي سلكها السلف الصالح ، في تعرف علل الأحكام ، والأوصاف التي اعتبروها أسساً لبناء الأحكام عليها ، واستخرجوا طائفة من الأحكام الفقهية .
معرفة وإدراك مقاصد الشريعة العامة في استنباط الأحكام ؛ لأن فهم النصوص وتطبيقها على الوقائع متوقف على معرفة هذه المقاصد ، فمن يريد استنباط الحكم الشرعي من دليله يجب عليه أن يعرف أسرار الشريعة ومقاصدها العامة في تشريع الأحكام ؛ لأن دلالة الألفاظ على المعاني قد تحتمل أكثر من وجه ، ويرجح واحداً منها ملاحظة مقصد الشارع . كما أن الأدلة الفرعية قد تتعارض مع بعضها فيؤخذ بما هو الأوفق مع قصد الشارع ، وقد تحدث أيضاً وقائع جديدة لا يعرف حكمها بالنصوص الشرعية ، فيلجأ إلى الاستحسان أو المصلحة المرسلة أو العرف ونحوها ، بواسطة مقاصد الشريعة العامة من التشريع .
العدالة : بمعنى أن يكون عدلاً مستقيماً في أقواله وأفعاله وأحواله ، محافظاً على مروءته . وقد اشترطها قوم* ومنهم من لم يشترطها مطلقاً ، ومنهم من فصّل بين أن يجتهد ليحصل العلم لنفسه ، وبين أن يجتهد للحكم والفتيا ، فاشترط العدالة في الثانية ، ولم يشترطها في الحالة الأولى . ولعل قول المفصل هو الأقوى ؛ لأن المستفتي إذا عرف أن إمامه موصوف بالعدالة تطمئن نفسه إلى قبول أحكامه بخلاف ما إذا كان المجتهد صاحب بدعة.
معرفة القواعد الكلية : فقد ذكر الإمام السبكي بأن من شروط الاجتهاد : الإحاطة بمعظم قواعد الشريعة حتى يعرف أن الدليل الذي ينظر فيه مخالفاً لها أو موافق .
معرفة مواضع الاختلاف : فمن كان بصيراً بمواضع الاختلاف كان جديراً بأن يتبين له الحق في كل نازلة تعرض له . ويأتي هذا الشرط بفوائد عدة ، منها : أن المجتهد حينما يعرف مواضع الخلاف ومواضع الإجماع ، فإنه لا يجتهد في أمر مجمع على حكمه ، ولا يدعي الإجماع في أمر مختلف فيه . بالإضافة إلى أن معرفة مواضع الخلاف مساعد هام للوصول إلى درجة الاجتهاد ، بالاطلاع على وجهات النظر ، وعلى الاستنباطات الاجتهادية وهذا العلم يدل المجتهد على المناهج المتبعة في الاجتهاد ، والطريقة المعتادة لاستنباط الأحكام من مظانها ، ويفتح أمامه آفاقاً أخرى للتفكير والبحث العلمي المنهجي .
العلم بما جرى عليه عرف الناس ، وبأحوالهم ، وبما فيه لهم صلاح أو فساد :
وقد افرد الكثير من الائمه الكثير من الضوابط والشروط فى هذا الصدد وخصوصا فى القاضى والحاكم والفقيه والمفتى وكل من يتولى ايا من الولايات العامه سواء تولى الولايه الكبرى وهى الخلافه او تولى بعض الولايات العامه كحكم مصر من الامصار او قطر من الاقطار او تولى احد الولايات الاخرى كالوزاره ويقصد بها حاليا رئاسه الوزراء او احد تلك الوزارات التى تختص بشأن من الشئون او القضاء ونحوها ، اذا اشترطوا ضرورة ان تتوفر فيمن يتولى احد هذه الولايات شروط المجتهد وحسن الرأى والسياسه والكياسه ومعرفه ما يصلح الناس واحوالهم وما يفسدهم ويكره لهم , ليعرف كيف يرتاد بهم اخصب المراعى وينأى عن اوجه الشر والهلاك وهو ما يقتضى ضرورة العلم ليس بعلوم الشرع والفقه فقط بل وبسائر العلوم التطبيقيه التى تؤدى لذلك من علوم متخصصه وتقنيات شائعه ومتبعه واهم التقنيات المستحدثه وما يرتبط بذلك من علوم متخصصه كعلوم السياسه والاقتصاد والعلوم التقنيه وغيرها ولصعوبه المام الفرد بكل هذه العلوم اجازوا ان يكون ذلك من خلال هيئه شرعيه معتبره من اولى العلم والراى من مختلف التخصصات ذات الصله وفرقوا بين المجتهد العام والمجتهد الخاص فى ذلك الشأن , إذ لا تتيسر له الفتوى الصحيحة واختيار ما يصلح الناس والمجتمع ويرفع من شأنهم كتعميم الرخاء والغنى وافشاء العلم وتطويره والنهوض بالمجتمع والقضاء على اهم مشكلاته وازماته وتقديم الحلول الناجعه لها والقضاء على اسبابها لتحقيق الرشاده فى الحكم والتوظيف الامثل للموارد والثروات والاخذ باسباب القوة وكل ما يصلح ويتحقق به النفع العام إذ لا يتيسر له تحقيق ذلك بدون هذا العلم .
وقد وضع الأصوليين كثيراً من القواعد الأصولية استناداً على العرف كقولهم: العادة محكمة ، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً.
معرفة المنطق : هناك من الأصوليين من اشترط للمجتهد معرفة مباحث الحد والبرهان وكيفية ترتيب المقدمات بالأمنية وما يستفاد به في الاستدلال .
ولمعرفة المنطق فوائد عدة منها : أن من يتعلم المنطق يدرك بسهولة تسلسل المقدمات والبراهين والافتراضات العقلية . وأن هذه المعرفة تساعد صاحبها على حسن الجدل ، والمناظرة واستخراج أوجه الأدلة ، وإبطال حجج الخصوم . بالإضافة إلى أن هذه المعرفة تعين على وضع منهج واضح للبحث العلمي . رصانة الفكر وجودة الملاحظة والتأني في الفتوى ، والتثبت فيما يجتهد فيه ، وأخذ الحيطة فيما يطلق من أقوال
الشعور بالافتقار إلى الله سبحانه وتعالى في إلهام الصواب والدعاء بما يناسب . فينبغي للمجتهد أن ينبعث من قلبه شعور صادق بالافتقار إلى الله في أن يلهمه الصواب ، ويوفقه لطريق الخير ويهديه للجواب الصحيح
تحريم اجتهاد القرأنيين والمبتدعة والملحدين وعدم جواز النقل عنهم او الاخذ باراءهم
0 88: dm4588a03ktc88z05.html
إرسال تعليق