هلاك كسرى وتمزق ملك فارس ونهاية دولتهم طبقا لاحاديث النبى
أخبر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم ـ عن كثير من الأشياء التي تحدُث في المستقبل، فوقعَت كما أخبرنا تمامًا، وهذا دليل على أن الله - عز وجل - قد أَوحى إليه - صلى الله عليه وسلم -، وأطلعه على أشياء من علم الغيب، الذي لا يُمكِن الوصول إليه إلا بالوحي، كما قال تعالى: { عَالِمُ الغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا }(الجنّ الآية 26: 27)
قصة إسلام باذان عامل كسرى على اليمن ذكرها ابن هشام في سيرته، والطبري في تاريخه، وغيرهما من أهل السير والأخبار، وأخرجها ابن سعد في الطبقات الكبرى عن شيخه محمد بن عمر الأسلمي بأسانيد له عن جمع من الصحابة.
قال: دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا : ...وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن حذافة السهمي وهو أحد الستة إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام، وكتب معه كتابا. قال عبد الله: فدفعت إليه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقرئ عليه، ثم أخذه، فمزقه، فلما بلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: اللهم مزق ملكه.
وكتب كسرى إلى باذان عامله على اليمن أن ابعث من عندك رجلين جلدين إلى هذا الرجل الذي بالحجاز، فليأتياني بخبره، فبعث باذان قهرمانه، ورجلا آخر، وكتب معهما كتابا، فقدما المدينة، فدفعا كتاب باذان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ودعاهما إلى الإسلام، وفرائصهما ترعد، وقال: ارجعا عني يومكما هذا، حتى تأتياني الغد، فأخبركما بما أريد، فجاءاه من الغد، فقال لهما: أبلغا صاحبكما أن ربي قد قتل ربه كسرى في هذه الليلة لسبع ساعات مضت منها، وهي ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الأولى سنة سبع، وأن الله -تبارك وتعالى- سلط عليه ابنه شيرويه، فقتله، فرجعا إلى باذان بذلك، فغضب وكان ذا حلم وحكمه فقال فلننتظر الاخبار فان صدق فهو رسول والا ليكونن لى معه شأن فلم علم صدق النبى صلى الله عليه وسلم فأسلم هو والأبناء الذين باليمن. اهـ
. وكان حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ يقول :
(هلك كِسرى ، ثم لا يكون كِسرَى بعدَه ، وقيصرُ ليَهلِكَنَّ ، ثم لا يكون قيصرٌ بعدَه ، وليُقسَمَنَّ كنوزُهما في سبيلِ اللهِ)، (وفي مسلم مات كسرى)،
هذا الحديث صحيح رواه البخارى ومسلم
ما لا شكَّ فيه أن معرفة سبب ورود الحديث مما يعين على فهمه فهمًا صحيحًا، ويدفع به ما يستشكل من بعض ألفاظه، وقد استفاضَ الإمام الشافعي رحمه الله في بيان ذلك؛ فذكر أن قريشًا كانت تنتاب الشامَ انتيابًا كثيرًا مع معايشها منه، وتأتي العراق، فلما دخلت قريش في الإسلام ,
ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم خوفها من انقطاع تعايشها بالتجارة من الشام والعراق إذا فارقت الكفر ودخَلت في الإسلام، مع خلاف ملك الشام والعراق لأهل الإسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده»، فلم يكن بأرض العراق كسرى بعده، بمعنى: لم يثبت له أمر بعده، وقال صلى الله عليه وسلم: «وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده»، فلم يكن بأرض الشام قيصر بعده، وأجابهم على ما قالوا له، وكان كما قال لهم صلى الله عليه وسلم، وقطع الله الأكاسرة عن العراق وفارس، وقيصر ومن قام بالأمر بعده عن الشام (الام للامام الشافعى 181/4).
وبالتمحيص سنجد ان ( فتح مكه كان يوم 20 رمضان عام 8 هجريه ) , وكان مقتل كسرى برويز بن هرمز فى 10 جمادى الاول سنة 7 هجريه , وتولى ابنه قباذ الثانى ويسمى ايضا شيرويه 25 فبراير وتوفى فى 6 سبتمبر 628 اى ان وفاة شيرويه كانت حوالى 25 من ذى القعده عام 7 هجريه اى قبل فتح مكه بنحو ثمانية اشهر اى ان المقصود بكسرى الذى هلك فى ذلك الحديث هو قباذ الثانى او شيرويه
وفى الحقيقه فانه لم يملك كسرى اخر بعدهما فبعد مقتل كسرى الثانى اى كسرى بن هرمز حيث انه بمجرد قتله اندلعت الثوره فى البلاد وحدث انقسام فى المملكه واعلنت الكثير من الامصار استقلالها عن بلاد الفرس مثل اليمن وعمان والبحرين فى الجزيره العربيه والكثير من الممالك فى بلاد فارس , ولم يمكث شيرويه او قباذ الثانى الا ستة اشهر ثم هلك بالطاعون وهو المقصود بانه اخر الاكاسره طبقا للحديث على نحو ما اوضحه ابى حنيفه بان الحديث كان بعد فتح مكه
فلما توفي شيرويه ملك الفرس عليهم ابنه أردشير وكان عمره سبع سنوات وحضنه رجل يقال له بهادر جسنس كان هو الذى يتولى شئون الحكم , وكان قائد الجند على ثغور الروم رجلا يدعى شهريراز وكان وكان أبرويز وشيرويه يكاتبانه ويستشيرانه، فلما لم يشاوره عظماء الفرس في تمليك أردشير اتخذ ذلك ذريعة إلى التعنت وجعله سبباً للطمع في الملك احتقاراً لأردشير لصغر سنه فذهب الى الدائن فحاصرها ثم احتال حتى دخلها فقتل اردشير ثم ملك نفسه فقتله ثلاث حراس اخوه كانوا من حراس اردشير وكان كل ملكه اربعين يوما , فلما قتل شهربراز ملكت الفرس بوران سنه واربعة اشهر لأنهم لم يجدوا من بيت المملكة رجلاً يملكونه. ثم ملك بعدها رجل يقال له خشنشبنده من بني عم ابرويز الأبعدين وكان ملكه أقل من شهر وقتله الجند لأنهم أنكروا سيرته.لما قتل خشنشبنده ملكت الفرس آزرميدخت ابنة أبرويز، وكانت من أجمل النساء، وكان عظيم الفرس يومئذٍ فرخهرمز أصبهبذ خراسان، فأرسل إليها يختطبها، فقالت: إن التزوج للملكة غير جائز وغرضك قضاء حاجتك مني فصروضربت له موعدا . ففعل فطلبت إلى صاحب حرسها أن يقتله وكان ابنه رستم ، خليفة أبيه بخراسان، فسار في عسكر حتى نزل بالمدائن وسمل عيني آزرميدخت وقتلها, ثم أتى رجل يقال له كسرى بن مهرجسنس من عقب أردشير بن باك كان ينزل الأهواز، فملكه العظماء ولبس التاج وقتل بعد أيام , ثم أتوا برجل كان يسكن ميسان يقال له فيروز بن مهران جسنس، ويسمى أيضاً جسنسنده، أمه صهار بخت ابنة يزدانزان بن أنوشروان فملكوه، وكان ضخم الرأس. فلما توج قال: ما أضيق هذا التاج! فتطيروا من كلامه فقتلوه في الحال , ثم اتوا بكسرى يزدجرد وكان عمره بين الخامسه عشر والسادسه عشر والذى عينه رستم وكان رستم الحاكم الفعلى للبلاد وكان يزدجرد ومن قبله منذ قتله ارزدخت مجرد العوبه فى يده
وهكذا فلم يملك اى كسرى شرعى من العائله الساسانيه بعد شيرويه حكم بلاد فارس حيث توج عشر ملوك خلال اربعة سنوات منهم اثنان من الاطفال من ابناء الاكاسره فاولهم قتل والثانى مات بعد نحو عام وكان من يحكم هم الاوصياء من غير الاسره الساسانيه كما حكمت بعض بنات كسرى وبعض قاده الجيش كملوك وتم الثوره عليهم لكونهم ليسوا من السلاله الساسانيه وحتى من حكم منهم كان مجرد العوبه فى ايدى قاده الجيش كرستم الذى كان الحاكم الفعلى وهكذا فلم يكن هناك بالفعل كسرى يحكم بعد قباذ الثانى كذلك كانت بلاد الفرس قد تمزقت فعليا حيث كانت جميع الأقاليم الواقعة شرقيّ مدينة مرو الروذ في خُراسان خارجة عن سُلطة الدولة، ولم تكن هراة نفسها تابعة للساسانيين. وخضعت الولايات الواقعة على شواطئ بحر قزوين للديالمة، واستقرَّت الولايات الشماليَّة والشرقيَّة في أيدي مُلوك وأُمراء مُستقلين. وقد حاول رُستم جاهدًا أن يعمل على إعادة اللُحمة والقوَّة إلى الدولة، لكنَّهُ وجد نفسهُ عاجزًا عن وقف زحف المُسلمين الجارف.
وكانت بوران دخت أو پوراندخت بنت كسرى بن هرمز، أمرت ان يتخيروا اثنا عشر الف رجل من ابطال الأساورة ، وولت عليهم مهران بن مهرويه الهمدانى فسار بالجيش حتى وافى الحيرة فقتل فى معركة البويب وانهزم جيشه وفر من بقى منهم الى المدائن فملك المسلمين الحيره وزحفوا نحو بغداد وكانت قريه عظيمه قرب المدائن عاصمة كسرى واستفزت الفرس انتصارات المسلمين فاجتمعوا على كلمة واحدة واختاروا ملكا جديدا فى مطلع 14 هجريه هو، يزدجرد الثالث وكان فى الخامسه عشر او السادسة عشر من العمر ، والذى عينه هو رستم الذى كان الحاكم الفعلى للبلاد , تجهيز جيشًا تحت قيادة رستم لمحاربة المسلمين فهزمت جيوشه فى القادسيه وقتل رستم قائد الفرس على يد هلال بن علقمة وصاح "قتلت رستم ورب الكعبة" في شهر محرم من السنة الرابعة عشر للهجرة؛ واضطر يزدجرد لترك المدائن وفر الى حلوان ومنها الى خراسان وكان حشد المسلمون فى القادسيه يقترب من الثلاثين ألف مقاتل كان يقودهم الصحابيّ الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، مقابل اكثر من مائه وعشرين الفا للفرس يقودهم رستم
وكان الفرس انذاك قد فقدوا اغلب بلاد العراق قبل تولى يزدجرد
وكان هناك انقسام فى المملكه التى استقلت اغلب اجزاءها كما
رفضت الولايات الشماليه سك عمله باسم يزدجرد وهو ما يعنى
ان يزدجرد لم يكن كسرى بالمعنى المعروف , او على النحو
المعتاد بل انه خسر معظم جيشه فى القادسيه وقتل قائده رستم
الذى الحاكم الفعلى للبلاد بمجرد ان تولى يزدجرد الحكم بنحو
ثلاثة اشهر فى معركة القادسيه التى كانت النهايه الحقيقيه لملك
الاكاسره وتم الزحف الى المدائن ، ففر يزدجرد إلى حلوان ثم الى خراسان, بل وتم
فتح المدائن عاصمة فارس فى عام 15 هجريه , وظل مطاردا حتى قتل عام 35
هجريه يطلبه الترك الذين استولوا على بعض مقاطعات ارمينيا واذربيجان والمسلمين
الذين استولوا على اغلب ارض فارس
ويؤكِّد ذلك ما أخرجه أبو عبيد من مرسل عُمير بن إسحاق قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كِسرى وقَيصر، فأمَّا كسرى فلمَّا قرأ الكتاب مزَّقه، وأمَّا قَيصر فلمَّا قرأ الكتاب طواه ثم وضعه، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أما هؤلاء -يعني: كسرى- فيمزَّقون، وأما هؤلاء فستكون لهم بقية»(أخرجه أبو عبيد في الأموال (ص: 31) ، ويؤيد ذلك أمران:
الأمر الأول: ما رواه الإمام البخاري عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه رجلًا، وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كِسرى، فلمَّا قرأه مزَّقه، فحسبت أن ابن المسيب قال: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن يمزَّقوا كلَّ ممزَّق»
( أخرجه البخاري (64))، قال الحافظ ابن حجر: “وأجاب الله تعالى هذه الدعوة، فسلط شِيرَوَيْه على والده كِسرى أبْرَوَيْز -الذي مزَّق الكتاب-، فقتله وملك بعده، فلم يبق إلا يسيرًا حتى مات، والقصة مشهورة”(فتح الباري (13/ 242)).
الأمر الثاني: قال الشافعي: “وحفظنا أن قيصر أكرم كتابَ النبي صلى الله عليه وسلم ووضعه في مسك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يثبت ملكه»… فثبت له ملك ببلاد الروم إلى اليوم(والمعنى: إلى وقت الإمام الشافعي)، وتنحى ملكه عن الشام، وكل هذا أمر يصدق بعضه بعضًا”(الأم (4/ 180-181))
قال البيهقي رحمه الله تعالى:
" قال الشافعي رحمه الله: كانت قريش تنتاب الشام انتيابا كثيرا، وكان كثير من معاشها منه، وتأتي العراق فيقال: لما دخلت في الإسلام ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم خوفها من انقطاع معاشها بالتجارة من الشام والعراق، إذا فارقت الكفر ودخلت في الإسلام، خلاف مَلِك الشام والعراق لأهل الإسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده )، فلم يكن بأرض العراق كسرى يثبت له أمر بعده، وقال: ( إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده )، فلم يكن بأرض الشام قيصر بعده، وأجابهم على ما قالوا له، وكان كما قال لهم صلى الله عليه وسلم، وقطع الله الأكاسَرة عن العراق وفارس، وقيصرَ ومن قام بالأمر بعده عن الشام... " انتهى من "دلائل النبوة" (4 / 394).
وقال النووي رحمه الله تعالى:
" قال الشافعي وسائر العلماء: معناه لا يكون كسرى بالعراق، ولا قيصر بالشام، كما كان في زمنه صلى الله عليه وسلم، فعلمنا صلى الله عليه وسلم بانقطاع ملكهما في هذين الإقليمين، فكان كما قال صلى الله عليه وسلم، فأما كسرى فانقطع ملكه وزال بالكلية من جميع الأرض، وتمزق ملكه كل ممزق واضمحل، بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما قيصر فانهزم من الشام، ودخل أقاصي بلاده، فافتتح المسلمون بلادهما، واستقرت للمسلمين ولله الحمد، وأنفق المسلمون كنوزهما في سبيل الله، كما أخبر صلى الله عليه وسلم، وهذه معجزات ظاهرة " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (18 / 43).
وقال الخطابي رحمه الله تعالى:
" أما كسرى فقد قطع الله دابره، وانفقت كنوزه في سبيل الله وأورث الله المسلمين أرضه ودياره، والحمد لله رب العالمين.
وأما قيصر، هو صاحب ملك الروم، فقد كانت الشام بحياله، وكان بها مشتاه ومربعه، وبها بيت المقدس، وهو الموضع الذي لا يتم نسك النصارى إلا فيه، ولا يملك على الروم أحد من ملوكهم حتى يكون قد دخله سرا أو جهرا، وكانت الشام متجر قريش ومُمتارها... وقد أجلى عنها، واستبيحت خزائنه وأمواله التي كانت فيها، ولم يخلفه أحد من القياصرة بعده " انتهى من "أعلام الحديث" (2 / 1447).
الحرب الأهلية الساسانية 628–632
في 628، أطيح كسرى الثاني من قبل العائلات الإقطاعية في إيران، والتي شملت القائد العسكري (سباهبيد) الأصفهاني فرخ هرمز وولديه رستم فرخزاد وفرخزاد. تم تمثيل شهربراز من عائلة مهران، وهي فصيل أرمني يمثله فارازتيروتس الثاني باجراتوني، وأخيرًا كانادباك من عائلة كاناراجيان.[1] في 25 فبراير، استولى شيرو، ابن كسرى، إلى جانب قائده آسباد غوشناسب، على طيسفون وسجن كسرى الثاني. ثم أعلن نفسه شاهً للإمبراطورية الساسانية وتولى اسم سلالة قباد الثاني كما شرع في إعدام جميع إخوته وإخوته غير الشقيقين، بمن فيهم ولي العهد مردانشاه، وهو الابن المفضل لكسرى وقتل جميع إخوانه، "كل الرجال المتعلمين، والشجعان، والمزاحمين"،[2] ربط السلالة الساسانية بحاكم مؤهل في المستقبل، ووصف بأنه "أهوج مجنون" و"متهور".[3] وبعد ثلاثة أيام، أمر مهر هرمز بإعدام والده. ومع ذلك وبعد إعدام والده، شرع قباد في قتل مهر هرمز.[4]
وبسبب تصرفات قباد، فإن عهد عهده يعتبر نقطة تحول في التاريخ الساساني، وقد جادل به بعض العلماء على أنه لعب دورًا رئيسيًا في سقوط الإمبراطورية الساسانية.[3] لقد توجت الإطاحة بموت كسرى ووفاته في الحرب الأهلية الساسانية الفوضوية في الفترة 628-632، حيث حصل أقوى الأعضاء في طبقة النبلاء على حكم ذاتي كامل وبدأوا في إنشاء حكومة خاصة بهم. كما استؤنفت الأعمال العدائية بين العائلات النبيلة الفارسية والفرثية، مما أدى إلى تقسيم ثروة الأمة.[2] وبموافقة النبلاء الإيرانيين، فقد تم التوصل إلى سلام مع الإمبراطور المنتصر هرقل، حيث سُمح للبيزنطيين باستعادة جميع أراضيهم المفقودة وجنودهم الأسرى، وتعويض الحرب إلى جانب الصليب الحقيقي وغيره الآثار التي فقدت في أورشليم عام 614.[5]
استولى قباد أيضًا على جميع ممتلكات فرخزاد ووضعه قيد الاعتقال في إصطخر. وخلال هذه الفترة، تولى بيروز خسرو قيادة فصيل الفرس، بينما تولى سليل ايسبودهان فرخ هرمز قيادة فصيل الفرثيين. توفي قباد الثاني في وقت لاحق من طاعون مدمر بعد بضعة أشهر فقط في 6 سبتمبر 628. وقد خلفه ابنه البالغ من العمر ثماني سنوات أردشير الثالث.[6]
المرحلة المبكرة من الحرب الأهلية
في عهد أردشير الثالث، تم تعيين ماه أدهور غوشناسب وزيرًا له، وكان يدير الإمبراطورية إلى حد كبير.[7][8] وبعد مرور عام، قام شهربراز بقوة 6000 رجل، بمسيرة نحو طيسفون وحاصر المدينة. ومع ذلك، لم يتمكن شهربراز من الإستيلاء عليها، ثم تحالف مع بيروز خسرو، زعيم فصيل الفرس، ومع وزير الإمبراطورية السابق في عهد والد أرداشير، قباد الثاني. كما كون تحالفًا مع نامدار غوشناسب، وهو قائد عسكري (سباهبيد) من نيمروز.[9] استولى شهربراز، بمساعدة هذين الشخصين الأقوياء، بالاستيلاء على طيسفون، وإعدام أردشير الثالث، إلى جانب ماه أدهور نفسه، وكذلك النبلاء الساسانيون الآخرون مثل أردابل. وبعد أربعين يومًا، قُتل شهرزار على يد فرخ هرمز، الذي جعل بوران، ابنة كسرى الثاني، تصعد إلى العرش. ثم عين فاروق وزيرًا للإمبراطورية.
خُلعت بوران من قبل سابور شهرفراز ابن شقيقة كسرى الثاني ميرهان، والمغتصب الساساني شهربراز. لقد تم عزله بعد ذلك بقليل من قبل بيروز وفصيله، الذين لم يعترفوا بحكمه. توج بيروز آزرمي دخت، أخت بوران، كملكة لإيران.[10]
المرحلة المتأخرة من الحرب الأهلية
استدعت آزرمي دخت، بناء على نصيحة النبلاء، فرخزاد من سجنه ودعاه إلى خدمة الساسانيين في المنصب الرفيع مرة أخرى. لكن فرخزاد رفض الدعوة ورفض الخدمة تحت إمرة امرأة. ثم تقاعد في معبد النار في إصطخر. طلب فرخ هرمز، من أجل تعزيز سلطته وخلق تسوية مؤقتة بين الفرثيين والفرس، من آزرمي دخت (التي كانت مرشحةً من الفرس) للزواج منه.[11] ولكن أزارميدخت رفضت.[11] وبعد رفض اقتراحه، لم يعد فرخ هرمز "يبتعد عن العرش بنفسه"، معلنًا: "أنا اليوم قائد الشعب وعمود إيران".[11] لقد بدأ في سك النقود بنفس طريقة الملك، ولا سيما في إصطخر في بارس ونهاوند في ميديا.[11] ومن أجل التعامل مع فرخ هرمز، من المفترض أن تكون آزرمي دخت متحالفة مع سليلة عائلة مهران سيافاخش، التي كانت حفيدة بهرام جوبين، وهو قائد عسكري شهير (سباهبيد) وشاه إيران لفترة وجيزة.[11] وبمساعدة من سيافاخش، قتلت آزرمي دخت فرخ هرمز.[11] لقد خلفه ابنه رستم فرخزاد، الذي كان في ذلك الوقت متمركزًا في خراسان، كقائد الفرثيين. ومن أجل الانتقام لوالده، غادر إلى طيسفون، حيث "هزم كل جيش التقاه من آزرمي دخت".[11] ثم هزم قوات سيافاخش في طيسفون واستولى على المدينة.[11]
بعد ذلك بفترة قصيرة فاجئ رستم آزرمي دخت وقتلها ثم أعاد بوران إلى العرش.[11][12] ومع ذلك، في العام التالي اندلعت ثورة في طيسفون بينما كان الجيش الإيراني مشغولًا بأمور أخرى، حيث دعى الفرس ، بعد عدم رضاهم عن وصاية رستم، إلى الإطاحة ببوران وعودة شخصيتهم البارزة بهمن جاذويه، التي تم فصلها من قبلها.[11] قُتلت بوران بعد فترة وجيزة، على الأرجح بسبب خنق بيروز خسرو.[11] وهكذا استؤنفت الأعمال العدائية بين الفصيلين.[11] ومع ذلك، لم يمض وقت طويل بعد أن تم تهديد كل من رستم وبيروز خسرو من قبل رجالهم الذين أصبحوا قلقين من تدهور حالة البلاد.[11] اتفق رستم وبيروز خسرو على العمل معًا مرة أخرى، وتثبيت حفيد كسرى الثاني يزدجرد الثالث على العرش ووضع حد للحرب الأهلية.[11]
العواقب والتأثير
ضعفت الإمبراطورية الساسانية بشكل كبير عندما اعتلى يزدجرد الثالث العرش. لم يكن لدى الملك الشاب السلطة المطلوبة لتحقيق الاستقرار في إمبراطوريته الواسعة التي كانت تنهار بسرعة بسبب الصراعات الداخلية المتواصلة بين قادة الجيش وحاشيتهم وأفراد الأرستقراطيين الأقوياء، الذين كانوا يقاتلون فيما بينهم ويبيدون بعضهم البعض. كما أعلن العديد من حكام الإمبراطورية الاستقلال وتكوين ممالكهم الخاصة.[3] لقد أكد حكام محافظات مازون واليمن بالفعل استقلالهم خلال الحرب الأهلية 628-632، مما أدى إلى تفكك الحكم الساساني في شبه الجزيرة العربية، التي كانت تتوحد تحت راية الإسلام.[13] بدأت الإمبراطورية تبدو أكثر مثل النظام الإقطاعي البارثي قبل سقوط الإمبراطورية الأرسيدية.[14]
لقد بدا أن يزدجرد، ومع الاعتراف به كملك شرعي من قبل فصائل الفرس والفرثيين، لا نفوذ له على إمبراطوريته. وفي الواقع، خلال السنوات الأولى من حكمه، تم سك العملات المعدنية فقط في بارس وساكاستان وخوزستان، المقابلة تقريبًا لمناطق الجنوب الغربي والجنوب الشرقي، حيث كان مقر الفرس.[11] لقد رفض الفرثيين، الذين كان مقرهم الرئيسي في الجزء الشمالي من الإمبراطورية، سك نقوده،[11] كما تم غزو الإمبراطورية في نفس الوقت على جميع الجبهات. من قبل الأتراك في الشرق، والخزر في الغرب، الذين داهموا أرمينيا وAdurbadagan.[3] تم إضعاف الجيش الساساني بشكل كبير بسبب الحرب مع البيزنطيين والصراع الداخلي.[14] كانت الظروف فوضوية للغاية، وحالة الأمة مقلقة للغاية، لدرجة أن "الفرس تحدثوا بصراحة عن السقوط الوشيك لإمبراطوريتهم، ورأوا آثارها في الكوارث الطبيعية".[2] وصلت الإمبراطورية إلى نهايتها ضد العرب خلال الغزو العربي لإيران، حيث قُتل يزدجرد عام 651، ربما بتحريض من رعاياه.
المراجع
- Pourshariati (2008), p. 173
- Shahbazi 2005.
- Kia 2016.
- Al-Tabari 1999.
- Oman 1893.
- SASANIAN DYNASTY, A. Shapur Shahbazi, Encyclopaedia Iranica, (20 July 2005).
- ARDAŠĪR III, A. Sh. Shahbazi, Encyclopaedia Iranica,(11 August 2011).
- Pourshariati (2008), p. 179
- Pourshariati (2008), p. 180
- Pourshariati (2008), p. 204
- Pourshariati 2008.
- Gignoux 1987.
- Morony 1986.
- Daryaee 2014.
المصادر
- Pourshariati, Parvaneh (2008). Decline and Fall of the Sasanian Empire: The Sasanian-Parthian Confederacy and the Arab Conquest of Iran. London and New York: I.B. Tauris. . مؤرشف من الأصل في 11 مارس 2020.
- Norwich, John Julius (1997). A Short History of Byzantium. Vintage Books. .
- Oman, Charles (1893). Europe, 476-918. Macmillan.
- Kaegi, Walter Emil (2003). Heraclius, Emperor of Byzantium. Cambridge University Press. .
- Shahbazi, A. Shapur (2005). "SASANIAN DYNASTY". Encyclopaedia Iranica, Online Edition. مؤرشف من الأصل في 26 أغسطس 2019.
- Karaka, Dosabhai Framji (1884), History of the Parsis: including their manners, customs, religion, and present position, I, Macmillan and co., , مؤرشف من الأصل في 12 مارس 2020
- Kennedy, Hugh N. (2004). The Prophet and the Age of the Caliphates: The Islamic Near East from the 6th to the 11th Century (الطبعة Second). Harlow, UK: Pearson Education Ltd. . مؤرشف من الأصل في 11 مارس 2020.
- Zarrinkub, Abd al-Husain (1975). "The Arab conquest of Iran and its aftermath". The Cambridge History of Iran, Volume 4: From the Arab Invasion to the Saljuqs. Cambridge: Cambridge University Press. صفحات 1–57. . مؤرشف من الأصل في 12 مارس 2020.
- Morony, M. (1986). "ʿARAB ii. Arab conquest of Iran". ʿARAB ii. Arab conquest of Iran – Encyclopaedia Iranica en. Encyclopaedia Iranica, Vol. II, Fasc. 2. صفحات 203–210. مؤرشف من الأصل في 03 سبتمبر 2019.
- al-Tabari (1993). The Challenge to the Empires. Translated by Khalid Yahya Blankinship. State University of New York Press. صفحة 222. .
- al-Tabari (1992). The Battle of al-Qadisiyyah and the Conquest of Syria and Palestine. Translated by Yohanan Friedmann. Albany: State University of New York Press. .
- Kia, Mehrdad (2016). The Persian Empire: A Historical Encyclopedia [2 volumes]: A Historical Encyclopedia. ABC-CLIO. . مؤرشف من الأصل في 12 مارس 2020.
- Shahbazi, A. Shapur (2003). "YAZDEGERD I". YAZDEGERD I – Encyclopaedia Iranica en. Encyclopaedia Iranica. مؤرشف من الأصل في 05 سبتمبر 2019.
- Frye, R. N. (1983), "Chapter 4", The political history of Iran under the Sasanians, 3, Cambridge University Press,
- Daryaee, Touraj (2014). Sasanian Persia: The Rise and Fall of an Empire. I.B.Tauris. صفحات 1–240. . مؤرشف من الأصل في 21 يناير 2020.
- Payne, Richard E. (2015). A State of Mixture: Christians, Zoroastrians, and Iranian Political Culture in Late Antiquity. Univ of California Press. صفحات 1–320. . مؤرشف من الأصل في 12 مارس 2020.
- Compareti, Matteo (2009). "Chinese-Iranian relations xv. The last Sasanians in China". CHINESE-IRANIAN RELATIONS xv. SASSANIANS – Encyclopaedia Iranica en. Encyclopaedia Iranica. مؤرشف من الأصل في 02 سبتمبر 2019.
- Shahbazi, A. Shapur (1986). "Army i. Pre-Islamic Iran". ARMY i. Pre-Islamic Iran – Encyclopaedia Iranica en. Encyclopaedia Iranica, Vol. II, Fasc. 5. London et al. صفحات 489–499. مؤرشف من الأصل في 26 أغسطس 2019.
- كلمات مفتاحيه
- عندما قال كسرى,كسرى,طاق كسرى,رحنه الى المدائن جنوب بغداد.. دخلنا طاق كسرى #علي_الشهباني,ملكة كابلي,الفتوحات الإسلامية,الفتوحات الاسلامية,اخبار اليمن,كيف يلد الفرس,بي بي سي العربية,قناة رشيد أيلال,المهر صغير الفرس,النبي محمد في الوثائق الأجنبية,islam,اغاني محمد رمضان,الفتوحات,النبي محمد عند البيزنطيين,النبي محمد عند الصينيين,اليمن,ام محمد,سحيله وام محمد,محمد بن سلمان , لا تحاول غضب ميسي,ميسون سويدان,الملك,لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقَّدتم الأيمان,قصة الملك,كسر الخواطر,روح وابعد يا كزاب,الاسكندر المقدوني,و الذي بعث محمد بالحق,كتاب الايمان و النذور,حملات الاسكندر الاكبر,عندما يغضب ليونيل ميسي,الاغنية بتعني كل الاشخاص يلي نكذب عليهم بالوعود,معركة ذي قار سعيد الكملي,لحظات مجنونة في كرة القدم,مثول ملك الفرس بين يدي عمر,عندما يجن جنون ليونيل ميسي,تدخلات قوية على ليونيل ميسي , كسرى,كسرى شيرويه,شيرويه يقتل أباه كسرى قصة كسرى ابرويز,شيرويه,شيروية يقتل والده كسرى عظيم الفرس,طاق كسرى,كسرى الثاني,عندما قال كسرى,كسرى عظيم فارس,كسرى عظيم الفرس,مقتل كسرى الثانى,كسرى الأول: عظيم الفرس,عبد الله بن حذافة وكسرى,قباد الثانى ابن كسرى عظيم فارس,رسالة الرسول ص الى كسرى عظيم فارس,ماذا فعل كسرى مع عبد الله ابن حذافة,بازان حاكم اليمن وكسرى عظيم الفرس,كيسرا,كسري ابرويز,اسرى,برويز,ابرويز
0 88: dm4588a03ktc88z05.html
إرسال تعليق